انقضت السنة الفارطة على نحوٍ مثيرٍ في المغرب. اندلعت مواجهات حامية بين الرابرز، وصلت ذروتها عندما نزَّل الدون بيج قنبلته ١٧٠ كج التي هاجم فيها العديد من رابرز الجيل الجديد. تجرأ القليل على دخول اللعبة، فالدون من أوائل الرابرز في المغرب وصاحب سبقٍ في الكتابة. الأمر أشبه بالوقوع ضمن مخططات قاتلٍ متسلسلٍ لا يغويه المزح (في التصميم الجرافيكي للفيديو، يظهر البيج جالسًا على كرسي فخم ومن حوله ضحاياه من الرابرز). ختم ديزي دروس سلسلة الردود وأصدر المتنبي مطلع العام الحالي، منهيًا فيها صورة البيج المنيع أمام المنافسة، ليخرج منتصرًا من أكبر مواجهة بين جيلَين للراب المغربي. توّج ديزي انتصاره عبر تعاونه مع مصمم جرافيكي متخصص بالكرتون، ليظهر نفسه في ثوب المنتصر من مواجهة بينه وبين البيج، محاطًا بالرابرز الذي هاجمهم الأخير وهم يراقبون المشهد في زهو. اختفى ديزي دروس منذ المتنبي، وانقطع عن الإنتاج لتسعة أشهر قبل أن يرجع مؤخرًا بأغنيته المصوّرة أيرماكس.
كانت الأغنية جاهزةً منذ سنة، وتأخر نزولها لبعض مشاكل الإنتاج. يمكن التخمين أنها سجّلت في نفس الفترة التي أصدر فيها الرابر جوهرته المتنبي. يستهل ديزي دروس الأغنية باقتباسٍ من فيلم فايت كلوب: “الأشياء التي تمتلكها تمتلكك في نهاية المطاف. لا يمكنك أن تكون حرًا إلا بعد أن تفقد كل شيء.” يغوينا الاقتباس بالربط مع العنوان، أيرماكس، نوع من أحذية الرياضة التي تنتجها شركة نايك. خمَّن البعض أن ديزي اختار العنوان كحيلة جذبٍ في محركات البحث، لكن لدى ظهوره في مقابلةٍ إذاعية اتضح غير ذلك، إذ استعملها كرمزٍ للثقافة الاستهلاكية.
لدعم ثيمة الأغنية، اعتمد ديزي على مجاز الشيطان الذي يظهر ملازمًا له قبل أن يتقمصه. امتد استعمال الرابر لنفس المجاز في صوت الأغنية أيضًا، إذ استعان بعينة صوت ناي مع مسحةٍ شيطانية عابثة. تعززت تلك الإشارات مع ظهور الشيطان الذي تمكن من ديزي دروس في الجزء الثاني من الفيديو، بعد كر وفر في محيط مستودع السيارات المتعطلة، لنراه مسجونًا في غرفةٍ ضيقة مع تلونات في عينيه تنزاح نحو البياض، وكأن شيطان الشعر قد تملكه، أو علَّها استحضار لصورة المجاذيب الحاضرة بقوة في الثقافة الشعبية المغربية.
تأتي أيرماكس في تقاطع عدة حروب راب يخوضها ديزي. فمن جهة، يقترض ديزي سطر “لعشار ضاربين لاكوست” من أغنية لابال للسبعتون، ويحولها إلى: “دراري ضاربين أيرماكس” (وأحيانًا إلى: عشراني ضاربين أيرماكس)، في إضافة إلى الصراع القديم بين الاثنين. تسببت أيرماكس أيضًا بخلاف بين ديزي وديدين كانون الجزائري، الذي نزَّل لوكا توني كدس مباشر لديزي بعد أقل من ٢٤ ساعة على صدور أيرماكس. كان الرابر الجزائري قد أصدر أغنيتي كوداين ١ وكوداين ٢ منذ فترة، ما جعله يرى أيرماكس موجهةً إليه شخصيًا بعد استعمال ديزي لكلمة كوديان: “عشاري مكاينش كوديان”، رغم أن أيرماكس سُجلت قبل أغنيتي كوداين على كل حال.
في الجانب المقابل من الدسات، نرى في الأغنية تحيّاتٍ قلما عهدناها في الراب المغاربي. استعار ديزي دروس أسطرًا من أغنية جانجستر عربي لـ نورس، أحد أقدم الرابرز في المغرب، وأضاف عليها تعديلات بسيطة: “هذا جانجستر عربي / عنتر بن شداد / بالموت مهدد / مضروب بالمؤبد” (الأصل: هذا جانجستر عربي / عنتر بن شداد / في صحراء الهيب هوب / بالموت مهدد”)، في تحية لـ نورس الذي انسحب من المشهد قبل فترة بدعوى أنه لم يستطع مجاراة هذه الموجة التي بدأها فيوتشر وميجوس منذ سنوات.
أظهر ديزي دروس نبرة تبجح استبطن عبرها إشارات لاذعة: “ختك دايراني فون ديكران / فالليل كتزومي عل ليبرا” (أختك وضعت صورتي على شاشة الموبايل خاصتها / وتقضي الليل وهي تتأمل في عضلات ذراعي). كما تغنى بأسلوبه العصي على المنافسة، فالراب عنده فطري لا مجرد مهارة مكتسبة: “كنرابي بالفطرة”، ليؤصل باستمرار صورة الرابر المتنمر، صاحب الإطلالة الفاخرة والعضلات المنتفخة، والمتوثب دائمًا للمواجهة، بحماسته الهادرة التي تفيض عند الأسطر اللاسعة.