“أنا ٢٧ وأسطورة يا ولد / ماينفعش نسكت فلشامبيونز ليج” قال الرابر التونسي علاء في أغنية ف فقر من ألبومه الجديد تراب لايف، مخاطبًا كل الناس الذين استهانوا بحضوره. لا يتوارى علاء عن مواجهة نقاده والذين لا يؤمنون بموهبته أو نجاحه أو رجولته؛ في الواقع، هذا الموضوع الأساسي الذي يتناوله الألبوم.
قبل أن يبدأ علاء مسيرته الفردية في الراب في صيف ٢٠١٧، قضى عامين كجزء من الثنائي ZZH.5 مع إل كاسترو، والذي كان بدوره جزءًا من مجموعة الزمرة، أهم مجموعة متأثرة بالراب الأمريكي في تونس. كان الثنائي يراب عن مواضيع مثل القمع وإهمال الدولة والفساد الذي يخاطر بمستقبل الشباب في تونس. قادتهما هذه المواضيع والنصوص القوية والعنيفة إلى المراتب الأولى في عدد المشاهدات على يوتيوب، إذ وصلت قناتهما اليوم إلى أكثر من سبعين مليون مشاهدة.
بعد أن قرر علاء ترك الثنائي والمجموعة، أصدر ألبومه الأول أون ذ رود تحت اسم آيه.إل.آيه، والذي ساعد معجبيه المندهشين من انتقاله إلى رابر فردي على أن يتعرفوا على الدوافع التي شكلت قراره. لاحظ معظم المستمعين أن علاء قد انتقل من أسلوب الراب القديم والسياسي إلي التراب العصري. كان معظم محتوى الألبوم، الذي أنتجه مهدي مشفر، عبارة عن رسالة “فك يو” لكل الذين شككوا بقدرته على النجاح بعد رحيله عن المجموعة. يتضح هذا في أغنية S.A.F.E.: “أم أون ذ واي، نكمل في دربي وستاجي متواصل / فك وات يو ساي، نتكلم من قلبي وميسجاي لي واصل.” في ألبومه الثاني تراب لايف يمضي علاء بنفس التوجه إلى أماكن أبعد.
على مدى أربع عشرة أغنية تمتد لساعة تقريبًا، يقدم علاء نفسه كرابر على طريقه لأن يصبح نجم بوب جديد. يقول في أغنية فالصو: “نعم أنا جي، منيش كي جستن بيبر / يمكن بيجي، يمكن مايكل جاكسون / اي بي سي دي عندي في راسي البيتلز / ماي فانز إن لاف حتى تصوري في بيتو”، قاطعًا مسافة طويلة عن ألبومه الأوّل حين كان يحاول أن يثبت نفسه في الساحة. تتكرر ثيمة التبجح بشكلٍ زائد خلال الألبوم، وحين يغير علاء الموضوع إلى قصة كفاحه، يسرد هذه القصة بطريقة سطحية، وكأنه يتعمّد القفز فوق ماضيه والتركيز على الحاضر والمستقبل. يقول في أغنية الأمور: “نخدم ماجت الجمهور، لا أحتاج إلى مساعدة أحد / وسيب مسيرتك ومشكور، نجحت بنفسي.”
حتى في تعاونه مع شريكه القديم إل كاسترو في أغنية تراب لايف، يستمر علاء بدمج الراب والغناء للتفاخر بشهرته: “الناس كلها تعرفني من الكبير للصغير، يا / هذي عيشة أساطير منكنش بس نغير”، رغم احتواء الأغنية على حسٍ سياسي عند إدانة الحكومة التونسية لإجبار المراهقين على الانضمام إلى الجيش: “فك دولة وكن لي خلاص كبرنا / بتشتلو تختارو مصيرنا.”
صدر ألبوم تراب لايف عبر تسجيلات مهدي مشفر الذي تولى إنتاج الألبوم بنفسه. يتصف معظم الألبوم بالحماسية، مع سرعة إيقاعات عالية يمكن أن تصيب مستمعها بسكتة قلبية في المستقبل، فيما تحمل بيتات مهدي مشفر تأثرًا بمنتجي التراب الأمريكيين مثل مترو بوومِن و٨٠٨ مافيا وميردا بيتز. تبدو البيتات مكررة أو متوقعة في الكثير من اللحظات، لكن هناك استثناءات، كأغنية فيوتشر حيث ينحسر البيت الضارب والصاخب إلى نسخة هادئة ومبسّطة منه قرب نهاية الأغنية، مفسحًا المجال للمستمع كي يريح أذنيه بعد الهجوم العنيف للإيقاع الأصلي. في أغنية بيسة، يزامن علاء سرعة رابه مع الإيقاع لينطلق من أبطأ إلى أسرع حين تغير الإيقاع.
يمتد التأثر بالتراب الأمريكي إلى راب علاء نفسه، حيث يقول في أغنية فيوتشر: “أنا الموجة الجديدة، أنا المستقبل يا / أنا سوبر ترابر مثل فيوتشر”، تبدو الأغنية كنسخة مسرّعة من سوبر ترابر لـ فيوتشر، كذلك يغني علاء تحت تأثير الأوتوتيون الثقيل المستخدم بإعدادات قريبة من أسلوب فيوتشر. في أغنية مشفر، يحاكي علاء كوايفو عبر إتقانه لأدلبه الشهير “آي”. في بعض اللحظات يميل علاء للغناء أكثر من الراب، كما في أغنية سوبر التي تحمل إيقاعًا ولحنًا مستوحىً من الآر آند بي البديل، وتأتي في الجزء الأخير من الألبوم كلحظة صفاء لعلاء.
يحمل ألبوم تراب لايف الكثير من الولاء لإسمه. هو بالفعل، وببساطة، ألبوم عن التراب وحياة التراب. وسط الثقة بالنفس الزائدة هناك بعض الواقعية، ووسط التفاخر بالنجاح والمهارة هناك لحظات تضفي باستمرار حسًا إنسانيًا. قد يدين الألبوم بالكثير للراب الأمريكي، وتدور كلماته حول مواضيع وثيمات مألوفة للغاية، لكن أسلوب علاء في الراب، وكون حياته تدور بالفعل حول كل هذه الثيمات، يجعلان الرحلة تستحق الخوض.