كتب هذه القائمة هيكل الحزقي وعمّار منلا حسن.
من جاي زي وكانيه وست إلى ٢١ سافج ومترو بومِن، أصبحت ثنائيات الرابر / منتج من السمات المميزة للراب والتراب، ومصدرًا لعدة من أهم أغاني وألبومات هذا العالم. تجمع القائمة أهم ثنائيات الرابر / منتج التي حققت إنجازات غير مسبوقة على مستوى التجريب والجودة، وتركت أثرها على الراب العربي.
ألفا وراتشوبر
منذ سنتين، كان ألفا يراب ويجمع من حوله جمهورًا من المتابعين لا يعكس حجم موهبته. كان راتشوبر بدوره يعزف البيانو ويصنع البيتات على الساوندكلاود. استمع الثنائي إلى بعض، وبدءا محادثةً على فايسبوك تطورت إلى تعاونٍ إنتاجي دشَّناه بأغنية دريم كاتشر. استدعى راتشوبر ألفا في ألبومه وجوه، وأصبح ألفا يتعامل مع راتشوبر بشكلٍ حصري على مستوى الإنتاج، فاتحًا الباب لتأثراته الموسيقية الكلاسيكية من جهة، ومتابعته القوية لمشهد الراب في العالم من جهةٍ آخرى.
خلال عمله مع ألفا، تعاون راتشوبر مع صنّاع إيقاعات مغمورين تراوحت أعمارهم ما بين الـ ١٥ و٢١ عامًا، كان قد تعرّف عليهم خلال تحكيمه في بطولة وار زون للهيب هوب في تونس، وأنتج بالتعاون معهم أغانٍ مثل بيوتيفول وديون اللتان أصبحتا من أنجح أغاني ألفا وقدّمتاه إلى جماهير جديدة. تمتاز هاتان الأغنيتان تحديدًا بامتلاك الإيقاعات والتوزيع لدرجة تعقيد توازي كلمات ألفا، الذي يعد من أقوّى مؤلفي وكتّاب الراب البديل في المنطقة.
مسلَم وأيمن الصالحي (ذ أركديوسر)
يصعب تخيل مشروع مسلّم من غير الأركديوسر، المنتج ومهندس الصوت الذي يظهر اسمه على أكثر من ثلاثين أغنية وألبومين طويلين لمسلّم. لم ينجح أحد بمقاربة الشعبي الشامي من منظور التراب كما فعلا مسلّم وأيمن في سارية السواس، جامعين صوت مسلّم الخشن وتدفقاته السوقيّة مع طلاقة الأركديوسر على الكيبورد، كما نجحا في أغنية بنيّتي في الاستفادة من الموسيقات الشامية المحليّة في الراب بطريقة سليمة إلى مدىً بعيد من المزج التقليدي الاستسهالي.
مرّ الاثنان على الكثير من فروع الراب والتراب، مثل التراب المحيط العاطفي في أغنية الخطوة الأخيرة والتراب الأمريكي الشرس والواضح في بمسي التماسي. في الكثير من المناسبات، يجاري الأركديوسر ميول مسلّم للمشي على خطا كانيه وست، كما في الاستعادة الملحمية لقصيدة أبي العتاهية خانك التي يدعمها الأركديوسر بسنثات خشنة وأبواق كبيرة. من ضمن تجاربهم الكثيرة، صدّر مسلّم والأركديوسر بعضًا من أكثر أغاني الراب الشامي نجاحًا شعبيًا، مثل خاوة وإجرمن عنهن اللتان اقتربتا من الخمس ملايين سماع على منصّات مختلفة.
الجراندي طوطو وهادس
يمتاز مشهد الراب المغربي بالتعقيد، لدرجة أننا نكاد لا نعثر على علاقةٍ حصرية واحدة بين رابر ومنتج. يبدو أن الجميع مسكون بالتشبيك والتعامل مع جمالياتٍ جديدة. ساهم الجراندي طوطو في صناعة هذا الصعود الكاسح لصوت التراب المغربي منذ سنتين. تعامل الرابر مع منتجين مختلفين مثل دراغانوف ونووفو وناجي الرازي وواست، بالإضافة إلى اكساب القريب من شايفين، لكن هادس كان أبرزهم وأكثرهم تعاونًا مع الرابر. كانت البداية الفعلية لهما كثنائي من خلال أغنية سموحات، أولى أغاني الجراندي الضاربة. شارك هادس في ألبوم إليسيت للجراندي، واستمر معه في بعض الأعمال المنفردة.
ساهم هادس بإكساب التراب المغربي تأثراته الأمريكية، خاصةً من نجومه المفضلين كـ كندريك لامار وترافيس سكوت وأيساب موب، صانعًا بذلك جانبًا هامًا من أسلوب طوطو. يظهر ذلك في أغنية بابلو التي وازن فيها المنتج بين خامة طوطو وانتقالاته اللعوبة بين مستويات تدفق مختلفة، مع إيقاعاتٍ جذابة تعلق بالأذن دون أن يطغى عليها أداء الرابر.
علاء فيفتي ومولوتوف
عبث هذا الثنائي باستمرار بالحدود الفاصلة بين المهرجانات والتراب والموسيقى الإلكترونية، وهرّبا عبر هذه الحدود بعضًا من أقوى المهرجانات الصادرة مؤخرًا.
يعرف فيفتي لشهيته الواسعة للتجريب في المهرجانات والعمل مع موزعين مختلفين، ما فتح الباب لتعاونه مع مولوتوف في بلعب أساسي، الذي فصل نفسه عن بقية المهرجانات بصوته المتروّي، وأسلوبه في تقديم الصخب على انفجارات متقطعة بدلًا من تقديمه بشكلٍ متواصل. بعد أن أصبح بلعب أساسي من أنجح المهرجانات شعبيًا في سنة صدوره، وضع فيفتي المزيد من الثقة في مولوتوف كمًا ونوعًا، فأصبحت تعاوناتهما كثيرة، وذات سقف عالي في التجريب، كما في دولتنا مدينة السلام، الأغنية التي تقتصر فيها كلمات فيفتي على عبارة “لو مدخلش السلام متعلمش الكلام” بالإضافة إلى مقطع واحد تقليلي، فيما يحتل مولوتوف بقعة الضوء بإيقاعاته الاستعادية للترانس والغنية بالسيكونسر، وابتعاده عن إيقاعات المهرجانات المرقّصة السهلة.
كلاي وخالد بوقطفة
بدأ كلاي مسيرته العتيدة منذ عشر سنواتٍ تقريبًا. أفصح الرابر عن موهبة خام وعبقرية في الكتابة دمج خلالها العامية بالقجمي (لغة مشفرة انتشرت في السجون وبين الأحياء الشعبية) وأحيانًا الفصحى، متأثرًا بفطاحلة الشعر العربي القديم. دخل كلاي مرحلة جديدة في مسيرته منذ أن اختار التعامل مع المنتج خالد بوقطفة. بجانب مهاراته كمنتج ومؤلف موسيقي، عُرف خالد على نحوٍ واسع بعد انتشار سلسلة كرتونية ضاربة عاليوتيب بعنوان لحير يعيش، ساهمت في انتشار تقليعات لغوية بين الشباب، وتسللت إلى معاجم الراب فيما بعد. تمكن خالد من توظيف مهارات كلاي الأسلوبية ومنحه فخامة أدائية عرف الرابر كيف يوظفها دون إفراط في الاستعراض الأسلوبي. بدأت أولى ملامح تلك الشخصية بالظهور في أغنية جونتة قبل النوم. استمر بعدها بوقطفة بصقل صوت كلاي، وبدأ بضخ بيتات مرقصة لم نعهدها في غدوة خير، التي اكتسحت منصات الموسيقى والأندية الليلة وحتى الأفراح الشعبية.
شب جديد والناظر
يمتلك الناظر وشب جديد أسلوب عمل حميمي. بينما يعمل الكثير من الرابرز والمنتجين اليوم عن بعد أو بشكل مستقل، يحرص الناظر على أن يفصل إيقاعاته على مقاس شخصية شب جديد، وعلى مقاس حالته النفسية ومزاجه يوم التسجيل “هو وجهه لشب جديد بيخليني ألحّن بطريقة معيّنة، اللي هي طريقة بحس إننا منتشارك فيها أنا وياه (الناظر من مقابلة ستنشر قريبًا على معازف)”. بالإمكان رصد ذلك في الاختلافات الواضحة في درجات الدفء والحماس والسعة في إيقاعات الناظر التي تتفق مع ثيمات شب جديد في كل أغنية.
صدرت العديد من الأغاني الضاربة والجميلة عن هذا الثنائي، لكن إنجازهم الأهم بالنسبة لي يتجلّى في تنويع الناظر بين إعدادات الأوتوتيون والمؤثرات الصوتية لمجاراة تدفقات وخامة صوت شب جديد، ليخلقا سويةً صوت شب جديد الأيقوني والعصي عن التقليد، الذي يضعه في مكانة فريدة لوحده في الراب العربي، ويذكر بأهمية جمال وفرادة الصوت في الراب.
سمارا وأحمد الجنرال
منذ سنتين، لم يكن متوقعًا لجهةٍ خارج تونس العاصمة أن تزاحمها في مشهد التراب. استمر الأمر إلى أن ظهر استوديو ٨ستريتز في منزل بورقيبة. بدأت المدينة بتصدير صوت تراب غير مألوف في تونس، غلبت عليه نبرة ميلانكولية تعززت باستعمال جذاب للأوتوتيون وكتابة سلسة تصدرتها نبرة تبجح مستحبة. انتشرت الموجة بشكلٍ سريع، وفرضت جماليات توزيع مختلفة وقف وراءها مهندس صوت وصانع إيقاعات علّم نفسه أصول المهنة وحيلها: أحمد الجنرال.
تعامل أحمد الجنرال مع مجموعة واسعة من الرابرز ليستقر أخيرًا على سمارا، ويدفعه لتسيد المشهد برمته كأحد وحوش التراب العربي. يمكن تقسيم أعمال الثنائي إلى فترتين، أولها ضمن استوديو ٨ستريتز التي تميزت بأعمال جذابة مثل ألعبي وكانت خاتمتها ما دايم والو. شرعا إثرها في مرحلةٍ ثانية تميزت بالتشبيك مع منتجين أجانب في مالاد، وإدخال حيلٍ جديدةٍ كما في أغنية وصية التي تلاعب فيها الجنرال بين طبقات جافة ودافئة على نحوٍ جذاب، وإل موندو التي أضاف فيها قبسًا من الراي في مستوى لازمتها الضاربة: “بري بري يا المحنة بري”. التقط الجنرال حنين السميعة إلى الراي العاطفي، ليدشن صوت التراي في تونس بعد أن كانت المغرب سباقةً إلى ذلك مع عصام والجراندي طوطو ومايسترو.
أبيوسف وزولي
يتشارك أبيوسف وزولي اليوم قرابة عقدٍ من التعاونات التي أثرت على مسيرة الاثنين. بدأ الاثنان تعاوناتهما في مرحلة كان أسلوب أبيوسف فيها لا يزال مركزًا على الأسطر اللاسعة والتبجح، فيما كان زولي يعمل بالتوازي تحت أكثر من اسم فني على مشاريع موسيقية مختلفة، من ضمنها مشروعه في صناعة الإيقاعات وإنتاج الهيب هوب تحت اسم سواج لي. في أعمالهما المشتركة المبكرة مثل مطلوب حريم وصيفي شتوي، عمل زولي على إيقاعات أولد سكوول راب تقدمية على مستوى الإنتاج، بشكلٍ يوازي أسلوب أبيوسف حينها: تقليدي بطريقة عصرية.
أصبح أسلوب الاثنان أكثر جرأة وتجريبية في الأغاني التي تعاونا فيها ضمن ألبوم أبيوسف YFGYY، ثم كادت تعاوناتهما أن تنقطع لفترة طويلة، صعد خلالها كلاهما إلى قمة الموسيقى الإلكترونية والراب في المنطقة، قبل أن يعود اسما أبيوسف وزولي للاقتران في ٢٠١٨. سجّل زولي عدة أغاني مع أبيوسف لألبومه الطويل ترمينال، وأنتج له أغانٍ منفردة جديدة مثل دولارات، التي لا تزال مقياسًا تصعب مجاراته لقوّة الإنتاج في الراب المصري.