في فيديو ترويجي نشرته ٤٧ سول سنة ٢٠١٥، تحدث أعضاء الفرقة عن تعلقهم بموسيقى الأعراس في بلاد الشام، وقالوا إنّ ألبومهم الأول سيكون اللبنة الأولى لبناء صوت جديد “هو صوت الدبكة العربية الإلكترونية”، وتقديم جنرا خاصّة بهم تحت اسم شامستِب. حمل إصدارهم الأول اسم الجنرا المقترح، شامستِب، والذي تحوّلت فيه ألحان المجوز والأرغول إلى تراكات على آلة المزج، يرافقها إيقاع طبول حيّة، ليَنتُج خليطٌ يأتي بالمزود إلى جمهور الموسيقى الإلكترونيّة، وبالموسيقى الإلكترونيّة إلى جمهور المزود، دون إضافة جديد إلى أيٍّ من الطرفين. ترقبت رؤية ملامح أوضح للشامستِب في إصدارات الفرقة اللاحقة، وتواصل ترقّبي حتى صدور ألبومهم ساميّات صيف العام الماضي، بعد أشهرٍ على انسحاب الجهاز، حمزة أرناؤوط، من المشروع.
شارك الأعضاء المتبقون، ولاء سبيت وطارق أبو كويك (الفرعي) ورمزي سليمان (زين الناس)، في إنتاج الأغنية المصوّرة الممهدة للألبوم، دبكة سِستم. يفتتح رمزي الأغنية بمقطع إنجليزي يتراوح بين أغاني البوب الخفيفة الداعية للانبساط والاحتفال: “Dabke system we coming to town / Pick up your keys at the lost and found”، ودعوات الصمود والعودة من وجهة نظر شاب فلسطيني ولِدَ في المهجر: “Call back the kids to remain / Don’t Question the land she tells you her name”.
تنتقل الأغنية إلى جوّ الدبكة مع بداية مقطع ولاء سبيت، الذي يسرف في تفخيم وترخيم صوته، فيقع في مكان قريب من المجوز وبعيد عن توزيع الأغنية. بعد وصلة آلاتية يهدأ فيها زخم الأغنية بعض الشيء، يأتي مقطع راب الفرعي لـ يزيد من طاقة الأغنية مجددًا، لاعبًا دور البيت دروب (beat drop) في الموسيقى الإلكترونيّة الراقصة.
تنسج الفرقة عبر الألبوم ثيمة تتمحور حول مفهوم الساميّة، والتاريخ الإشكالي لكلمة عادةً ما تستخدم بطريقة حصريّة ومتحيّزة، كما في أغنية سامز بيبول: “who told you the Semitic people should be divided to separate nations”، وتنسجم هذه الفكرة مع مقاربة معتادة في أعمال الفرقة للسرديّة الفلسطينيّة، تتبنى صورًا نمطيّة مستضعفة. ينتهي فيديو دبكة سيستم بعبارة: “تم حماية جميع حقوق الحيوانات في هذا العمل، بينما لا يعيش أي من هؤلاء البشر مع حقوقهم الأساسيّة حتى الآن”، تعلوها ترجمة بالإنكليزيّة.
تصبح هذه المقاربة غريبة بعض الشيء في أغنية طلبوا، حيث يغني الفرعي وولاء بانطلاق وسط الأغنية الحماسيّة، متحدثين عن الوقوف في صف الهوّيات على الحواجز الإسرائيلية. ليس على كافة الأغاني أن ترسم صورًا دقيقة لكلماتها، لكن يصعب سماع طلبوا دون تخيّل فرقة دبكة على معبر قلنديا، تنتظر العابرين الفلسطينين من الضفة إلى القدس لاستقبالهم بالتصفيق.
شاركت في الأغنية كل من شادية منصور، المغنية الفلسطينيّة التي تقارب الراب من منظور الفن اليساري الملتزم: “باختصار مش إحنا عبرنا الحدود / يابا بالعكس الحدود عبرتنا”، وفدزيلا، رابر متحدّثة بالإسبانيّة لا تزال في فجر مسيرتها، أصدرت بضعة فريستايلات ومحاولات مبكّرة حتى الآن. خلال الأغنية، تقارن ٤٧ سول جدار الفصل الإسرائيلي بذلك الذي تبنيه الولايات المتحدة مع المكسيك، ليتضح الدافع خلف اختياراهم لرابر فلسطينيّة وأخرى متحدثة باللاتينيّة لهذه الأغنية.
في أغنية راكض، يحصل الضيفان السنابتك وتامر نفار على مساحة أوسع للبروز موسيقيًا. تعدّنا عيّنات صوتيّة حماسيّة للدخول في أغنية دبكة شامية، ويحاول الضيفان بناء حميمية ما مع إيقاع الدحيّة، قبل أن تنتقل الأغنية بقسوة بين إيقاع دحيّة إلى آخر قريب من التراب. يغيّر تامر النفار الموضوع لتناسب باراته إيقاع الدربكّة السريع، فيما يشبه مقطع السينابتيك أغنية لـ محمد عسّاف أكثر ممَا يشبه السينابتيك نفسه، مفتتحًا بـ: “وان كنتي انتي لا تدريني / البحكي معك فلسطيني، أنا فلسطيني، أنا فلسطيني، أنا فلسطيني.”
تضم مظلّة الجنرات التي تنتسب إليها الفرقة الإلكترو مجوز، والجوبي (أو التشوبي) العراقي الذي تمثّله في الألبوم أغنية وحيدة، الرّافدين. يتفوّق الفرعي عن المجموعة ببراعته في محاكاة إيقاع الجوبي التقليدي، كاتبًا مقطعه بنبرة عزيمة: “لا ما يهبط عزيمة حكم الخذلان / اللي يوجعني بقلبي فراق الخلّان”. تستمر ثيمة القوة والعزم في صوت ولاء الهاتف لبلاد الرافدين، وفي الأسطر السياسيّة المباغتة للرابر العراقي الأصل لو كي: “Nationalize like abd al kareem qassim when we fraternize”.
إلى جانب هذه الجنرات، تجرّب الفرقة مزجًا خشنًا بين بيتات تراب وأسلوب غناء صارخ في ثوب، وتقدّم محاولة غير مريحة في الريجي وأساليب الغناء الجامايكيّة وسط سنث شعبي في ليل ديسكو. في أغنية ٤٧ كوكتيل، تستضيف الفرقة العازف حسن منياوي، الذي اشتهر لمشاركته في برنامج مواهب بفضل تسجيله براءة اختراع قشّة تنتج صوتًا قريبًا من المجوز.
عندما قدّمت الفرقة مشروعها قبل بضعة سنوات، بدت وعودها مثيرةً للتحفظ. عادةً ما يتطلّب تشكّل جنرا جديد جهدًا إبداعيًا جمعيًا على فترة من الزمن، حتى ينتج المشهد ما يدفع المستمعين والنقّاد إلى الاعتراف به كصوت جديد. هو ليس مجرد قرار يتم اتخاذه وتنفيذه، بل هي عملية طويلة معظم عناصرها عفوية. عوضًا عن ذلك، لا نزال نحصل من ٤٧ سول على كوكتيل من موسيقات شرقيّة تراثيّة وغربيّة إلكترونيّة مختلفة، الكثير من التسويق الذاتي، ومن ربط موسيقاهم بقضايا لا خلاف عليها؛ لو كان هذا ما تعنيه الفرقة بشام ستِب، فهو خطوة إلى الوراء.