موسيقى أبدية | صوت الدرون من المعابد إلى السنثات

كتابةمحمد أشرف - November 23, 2021

كتبه بالإنكليزية محمد أشرف وترجمته أميرة المصري.


صوتٌ حولنا في كل مكان، ولطالما كان حولنا؛ في أزيز الشبكات، في خرير الماء، في جريان الدم داخل الأرحام. إنه الأوم الأبدي. لا نعيره اهتمامًا، فهو مصدر إزعاج بلا اسم، يسعى الجميع للوصول إليه واستكشافه، حيث الخامة الطيّعة إلى أقصى حد، والتي قد تجلب الراحة، أو الاضطراب أو القلق. تمتد أصوله الموسيقية بعيدًا عن التراث الغربي، وإن صار يستخدم بكثافة في الموسيقى التصويرية للأفلام منذ عقود. إنه صوت الدرون. في كتابه مونوليثيك أندرتو: إن سرتش أُف سونيك أوبليفيون، يغوص الصحفي الموسيقي هاري سوورد في جوانب لم تسكتشف من قبل في صوت الدرون، ويعرض تسلسلًا زمنيًا يمتد لآلاف السنين يشمل تأويلاته المتعددة.

أصوات من الماضي

ميّز البشر القوة الأساسية لهذا الصوت منذ قديم الزمن بحسب علم الآثار. بداخل المعبد الصخري حال سافلييني هايبوجيوم في مالطا، وعمره نحو ٦ آلاف عام، تتباطأ الأصوات لتخيم على المكان فارضة نفسها على زوار المعبد. في هذا المعبد الذي يعود إلى ما قبل التاريخ، توضح التسجيلات الصوتية داخل حجرات الدفن كيف يمكن للصوت البشري أن يكتسب صفات خارقة لطبيعته المادية، بفعل الرنين والصدى. يرجح أن ذلك ما كان يبث الرهبة والارتباك والاستسلام في نفوس زوار المعبد قديمًا.

نجد مؤثرات صوتية مشابهة داخل حجرة الملك في الهرم الأكبر في الجيزة، حيث تردد الحجرة والتابوت الموجود فيها رنينًا ذا طبقات خاصة. كذلك في المدينة الأثرية تشيتشن إتزا في المكسيك، حيث تمتد هذه المؤثرات على نطاق أوسع، لنجد مباني المعابد كاملة “تشكل سربًا هامسًا يكبر الأصوات المترددة بداخله. إذا تكلم شخص بمستوى الصوت العادي في أحد المعابد يمكن سماعه في معبد آخر على بعد ١٦٠ مترًا تقريبًا … تبدو هذه الأصوات وكأنها تصدر فجأة من الفراغ.”

لإضفاء معنى على هذه المؤثرات وإغراق زوار المكان في الحالة المنشودة، بحيث يشعرون أنهم في حضرة شيء مقدس أو خبيث، أو شيء يفوق إدراكهم، كانوا يستخدمون قديمًا آلات تعزز هذه السمات الصوتية. كان عليهم المداومة على هذا التأثير لوقت طويل مع استخدام طبقات معيّنة لدفع الناس إلى التسليم والاستسلام التام. لذا كان من البديهي الاستعانة بآلات درون مثل البايب والناي والبوق. من أقدم الآلات المستخدمة الأبواق المصنوعة من قرون الحيوانات. استخدمها قدماء المصريين لصناعة الأرغول، وهو مزمار مزدوج يعتمد على صوت الدرون في الأساس وما يزال مستخدمًا حتى اليوم  في مصر وفلسطين. نجده أيضًا في آلة ديدجيريدو التي يستخدمها سكان أستراليا الأصليون، وفي مزامير القُرَب في مرتفعات اسكتلندا، وطبعًا في الأرغن ذي الأنابيب في الكنائس.

تكرار فارتباك فانتشاء

إن كان علي أن أختار مثالًا واحدًا من الكتاب يستعرض قدرات آلات النفخ الهائلة على إصدار أصوات الدرون، أختار مجموعة جهجوكة من المغرب. قد يكون الاستماع إلى هذه المجموعة من بين مئات الفنانين والفنانات المذكورين في الكتاب هو الأصعب، والأكثر سحرًا. تنحدر المجموعة الصوفية من قبيلة أهل سريف من شمال المغرب، وتبدو موسيقاهم كوابل مندفع بلا هوداة من جمل مرتفعة الطبقة من النداء والجواب، والمزمار، وآلات الإيقاع.

الدرون أو الاستمرارية هنا موجودان في مجمل الصوت. تجتمع كل العناصر والآلات لتخلق موجة مستمرة لا تهدأ من التنافر والطاقة تحيط بالمستمع من كل صوب، تربكه، ثم تطهره في النهاية. حازت هذه الموسيقى الحسية البدائية اهتمام حركة جيل بيت في الخمسينيات، ثم وجدت طريقها إلى جمهور أعرض من خلال مقطوعة ذَ بايبس أُف بان أت جهجوكة لبراين جونز، وهي تسجيل معدل لأحد عروض احتفال بوجلود، الذي يقام حاليًا ضمن احتفالات عيد الأضحى، لكن يرجح أنها كانت في أصلها احتفالًا بالإله الإغريقي بان (المشار إليه في اسم الألبوم).

قد يجد البعض متعة في هذا الأثر التطهري للهجوم الصوتي في موسيقى مجموعة جهجوكة، لكن ليس الجميع. في الراجات الهندية وجدوا طريقًا أكثر سكينة إلى التنوير، نتج عنه التأثير الأكبر والأطول على كل موسيقى الدرون ومشتقاتها. للمزيد من التفاصيل عن الموسيقى الصوفية المغربية ينصح بالاطلاع على مقال علاء زيتون: رحلة ميدانية في الموسيقى التقليدية المغربية.

أوم | هنا يبدأ كل شيء

يرتبط اجتماع صوتَي السيتار والجيتار في أذهان معظم الناس بصور تجمعات سمر أُف لاف، حيث الهيبيز في ملابسهم الملونة تحيط بهم سحابة من دخان الماريجوانا، والجماهير المنتشية في ساحات وودستوك الموحلة. كانت البداية مع أغنية تومورو نيفر نوز، النشيد الرسمي لمخدر إل إس دي، حيث استخدم البيتلز آلتي الطنبور والسيتار اللتين تعتمدان في الأساس على صوت الدرون. أرسى هذا التراك قواعد السايكدليك روك، وجاء نتاجًا لولع الفرقة بالموسيقى الهندية والمذهب الروحاني، وفوق كل ذلك طبعًا تأثرهم بعازف السيتار رافي شانكر. كان شانكر من عرّف الغرب بالراجا الهندية عن طريق صداقته مع جورج هاريسون، والعروض التي قدمها في مهرجانات مختلفة مثل وودستوك ١٩٦٩ ومهرجان مونتيري الدولي للبوب عام ١٩٦٧.

يقع صوت الدرون الصادر عن الطنبور في صميم الراجا الهندية التقليدية. فيه نجد الأسس التي تقوم عليها الراجا ومرجعية التوافق النغمي لها. أما السيتار، أشهر الآلات اللحنية، فإلى جانب إصداره أصوات درون مصاحبة للطنبور، يغزل نسيجًا يحيط بكل هذه النغمات ويربط ما بينها.

بحسب وصف بانديت بران نات “تعني الراجا أرواحًا حيّة. من الصباح وحتى الصباح التالي، تمر الراجا بدورة حياة كاملة. تتوسّط الراجا دائمًا النغمات، وتساعد النغمات في تشكيل الراجا … لأنه، كما في التنفس، يكون الجسم مثل النغمة، والتنفس هو حركة الراجا؛ وكل نَفَس له شعور مختلف. هذا هو معنى الراجا.”

تماشى امتزاج الأصوات المسترخية لتلك الآلات بطبيعة الراجا الارتجالية مع حالة التحرر، والثقافة المضادة السائدة في ذلك الوقت. كما كان لها تأثير مماثل على فرق السايك روك، مثل ذَ جريتفول دِد وعروضه الحية التي ما تزال راسخة في الأذهان لما تضمنته من فقرات ارتجالية مطولة، وكذلك على مبدعي الجاز الحر مثل جون كولترين وأورنيت كولمان.

في حين انغمس جون كولترين تمامًا في الحرية التي تتيحها الراجا في مقطوعات الجاز التي ألفها، وخصوصًا في ألبومَي أوم وأسينشن، يشير سوورد إلى أن أرشيف أليس كولترين الثري، الذي ضم مجموعة بديعة من تراتيل السنث المستلهمة من الراجا، اعتمد بشكل أكبر على أصوات الدرون.

صوت اللاتغيير

امتد التأثير الهندي إلى الحركة التقليلية في أواخر الستينيات، على الأخص أعمال لا مونت يانج وتيري رايلي اللذَين تعلما على يد بانديت بران نات. نجد أن صوت الدرون في أشهر مؤلفات رايلي، إن سي، بمثابة نبض المقطوعة. هو العدة الأولى في كل مازورة، الأوم الذي يبدأ عنده كل شيء. عندما يجتمع هذا النبض مع ارتجال المؤدين الحر في اختيار نمط اللعب تنتج مقطوعة مبهرة، آسرة، ودائمة التغير.

أما يانج فاتبع منهجًا مختلفًا تمامًا في استخدام الدرون، وهو غالبًا الأكثر تأثيرًا على موسيقى الدرون المعاصرة. جرد يانج الصوت من كل شيء عدا جوهره، ليصير لانهائيًا. يصف سوورد هذا المنهج بأنه “شُعبة النغمة المستمرة من التقليلية”، حيث الدرون كل شيء، لا مجرد جزء ندركه أو نشعر به، بل بداية ونهاية كل شيء.

شارك يانج في معرض سمعي بصري مع فنانة الوسائط المتعددة ماريان زازيلا بعنوان دريم هاوس. ما يزال المعرض مستمرًا منذ عام ١٩٩٣، وفيه نجد التلخيص الأمثل لمنهج يانج، حيث توزَّع ٣٢ سماعة في أنحاء شقّة ويصدر عن كل واحدة نغمات على موجات ساين مرتفعة، تخلق مع الأضواء المصاحبة “تأثير التشتيت” المتعمّد. لا تتغير الترددات، لكن يتغير إدراك الزوار للصوت أثناء تجولهم في المعرض كلما تضاربت النغمات أو كتم بعضها الآخر أو كبّره. يظهر هنا مدى مرونة الدرون مرة أخرى، فبينما كان الدرون الذي استخدمه رايلي أقرب إلى التعبد كان درون يانج مربكًا.

منعطف جديد

بقدر أهمية مقطوعات يانج المنفردة كانت أهمية مجموعته ثياتر أُف إترنال ميوزك. ضمت المجموعة فنانين مثل توني كونراد وجون هاسل وجو كيل وأجنوس ماكليز. أخذ الأخيران تأثير يانج إلى مناطق تجاوزت الموسيقى الكلاسيكية والتقليلية.

يقول براين إينو: “باع أول ألبومات ذَ فِلفِت أندرجراوند ١٠ آلاف نسخة فقط، لكن كل من اشترى الألبوم أسس فرقته الخاصة.”

يرى البعض أن ذَ فِلفِت أندرجراوند أكثر فرق الروك البديل تأثيرًا على الإطلاق. على مدار عمر الفرقة القصير مهدت الطريق لظهور أنواع مثل الغراج روك والنويز روك والبانك والشو جايز. ساهم في تشكيل صوت الفرقة المميز جو كيل وأجنوس ماكليز، العضوان السابقان في ثياتر أُف إترنال ميوزك، وقد شكلا الفرقة مع لو ريد وعازف الجيتار سترلينج موريسون.

لعب صوت الدرون المضخّم لأقصى حد دورًا رئيسًا في أعمالهم، خصوصًا فترة تواجد كيل في الفرقة. في أغانيهم الهادئة مثل أول توموروز بارتيز يجتمع الإيقاع الثابت مع صوت تريمولو الجيتارات ليشكلا ركيزة لسائر الأصوات في التراك، على نحو يشبه دور درون الطنبور في الراجا. كما يشير الكتاب إلى تراك آخر أكثر ثقلًا، سيستر راي، واصفًا إياه بالإعلان الرسمي لأهداف الفرقة، خصوصًا نصفه الأخير الذي يكسر كل شيء على صخرة ضوضاء مرتجلة ترتكز إلى إيقاع ميكانيكي ثابت.

موسيقى كونية

ارتبط الإيقاع الميكانيكي لاحقًا بمجموعة مختلفة تمامًا من الفنانين على الجانب الآخر من الأطلنطي. بعد انتهاء الحرب في ألمانيا، وفي فترة السبعينات تحديدًا، تفجرت موجة من الموسيقى التجريبية وبوادر الموسيقى الإلكترونية، تأثرت بدورها بأعمال ذَ فِلفِت أندرجراوند وكارلهاينتس شتوكهاوزن. قوبلت هذه الموجة باستخفاف في الإعلام البريطاني الذي أطلق عليها اسم كراوت روك (أي روك الكرنب / الملفوف، نسبة إلى الأكلة الشعبية في ألمانيا)، كما عرفت باسم كوزميشه موزيك أو الموسيقى الكونية. جمعت الحركة بين الروك وروح الجاز الحر وبكرات الشرائط ( tape loops) والعينات العشوائية، لتصنع كولاجًا صوتيًا تعلوه طبقات من أصوات السنث. لا نبالغ إذا قلنا إن فرق مثل كان وفاوست وبوبول فوه وتانجيرين دريم كانت سابقة لزمنها.

من ناحية أخرى تميزت فرقة كلوستر بطابع أكثر مغامرة وحدّة عن هذه الفرق. بالرغم من قصر عمرها إلا أنها أسست لموسيقى الإندستريال وجمعت ما بين أصوات الدرون وبكر الشرائط والديستورشن لتنتج كولاجات مطولة من الأصوات المهلوِسة. كما رأينا في الأمثلة السابقة، نجد في تراكات كلوستر تصاعدًا بطيئًا يخلف شعورًا بالتطهر في نهايته؛ حالة من الصخب والانتشاء في الوقت ذاته.

أما فرقة نُوْي! فكانت أكثر مرحًا ولا يمكن تصنيفها كفرقة درون على أي حال، لكنها برعت لأقصى درجة في استخدام عنصر التكرار، العامل الرئيسي في الدرون. في تراك هالوجالو نجد الإيقاع الميكانيكي مثل شريان نابض يربط كل شيء. التراك مستوحى من فكرة القيادة على الطريق السريع الممتد عبر ألمانيا بلا نهاية، وينجح في نقل هذا الحس اللانهائي؛ فهو حر ومفتوح النهاية، والأصوات فيه تظهر وتختفي في حركة مستمرة.

ضربات متوالية على حائط من مكبرات الصوت

كانت الحركة المستمرة مدخل فرقة ذَ ستوجز إلى الاعتماد على النبض الميكانيكي، وقد صارت الفرقة من أهم مصادر الإلهام لفرقة رامونز، أهم مؤسسي البانك روك. امتد ذلك التأثير إلى ريس كاتام، وكان أيضًا عضوًا سابقًا في ثياتر أُف إترنال ميوزك. في ظل تأثر كاتام بعروض الفرقة الحافلة بالطاقة اللاهثة والجرايم، وتمكنه من مفردات الدرون، عمل على تطوير جماليات الجيتار الإلكتروني ومكبرات الصوت في مقطوعة جيتار تريو التي يمكن أن يلعبها عدد لا نهائي من العازفين؛ وإن كان الدرون فيما سبق مستخدمًا في الروك بالفعل، إلا أن هذه كانت لحظة فارقة في امتزاج الدرون بالروك ليشكلا جماليات منفردة، جديدة ومتكاملة.

كما ساهم جلين برانكا، مؤلف موسيقي من نيويورك، في تشكيل هذه الجماليات من خلال الجيتار الإلكتروني، وكان له تأثير كبير على مشهد الروك البديل. كانت تسجيلات نيوترل ريكوردز التي أسسها نقطة انطلاق لبعض من أهم فرق الروك في التاريخ، مثل سونيك يوث وسوانز.

بينما تضمنت بعض تسجيلات سونيك يوث المبكرة عناصرًا من الدرون، إلا أن سوانز تفوقت في الإلمام بكل ما يخص الدرون من حيث الاستسلام والإرباك والانتشاء الختامي. كانت موسيقاهم صاخبة ومتكررة، نسمع فيها صوت مايكل جيرا (من معجبي بانديت بران نات) يغني ويصرخ عاليًا. كانت عروض الفرقة الحية مفعمة بالطاقة وما تزال حتى الآن لا تضاهى من حيث الأصوات التي تنفس عن مشاعر المستمعين.

على كل حال، يرتبط كل من الدرون والأصوات العالية والتنفيس عن المشاعر في أذهان الكثيرين باسم فرقة أخرى. إذا ذكر الدرون في الدوائر المهتمة بالموسيقى غالبًا ما يذكر فريق صن أو))). من خلال الملابس والأسلوب الشعائري في العروض الحية وجمود التدرج (أو غيابه بالكامل) في أغانيهم، استدعت الفرقة الشعائر القديمة بشكل مباشر. زاد الباص المخلق على جهاز مووج من ثقل موسيقى الفرقة، وأضفى التعاون المتكرر مع أتيلا تشيهار، صاحب الصوت المخيف، جوًا من الرهبة على أعمالهم. أخذت أعمالهم الحس المقبض من بلاك ساباث وخشونة الألبومات الأولى لفريق إيرث، وأضفت عليهما طابعًا أكثر بطئًا وركودًا. تبدو تراكاتهم كلحظات ممتدة إلى ما لا نهاية.

موسيقى في الخلفية

مط الزمن إلى ما لا نهاية وصف يلخص مجمل أعمال الموسيقي براين إينو. فبينما كان صن أو))) يطلق اللحظات اللانهائية في شكل لكمات متتالية يكيلها للمستمع، صممت موسيقى إينو بحيث يمكن تجاهلها في الخلفية، أو بحسب تعريف إريك ساتي للموسيقى المحيطة: كجزء من أثاث الغرفة. في ألبوم ديسكريت ميوزيك، واحد من أكثر أعماله تأثيرًا، جرب إينو تقنيات التوليد الذاتي باستخدام بكر الشرائط وجهاز EMS Synthi AKS الذي صممه بنفسه ليصنع مشهدًا صوتيًا دائم التغير مكون من نغمات سينث خافتة. استمر في تطوير هذه التجربة وأتقنها في رأي البعض في الألبوم الأكثر تجهمًا أمبيانت ١: ميوزيك فور إيربورتس. يمكن الاستماع لهذا الألبوم لساعات حتى الغرق فيه، ومع أن القصد منه أن يكون موسيقى في الخلفية، إلا أنه يستدعي استجابات حسية بفعل قوة التكرار الخالصة؛ تكرار يفضي إلى الاستسلام.

نجد تأثيرًا مماثلًا وإن كان أكثر ضمنية في تجارب إليان راديج المطولة مع الدرون. نعود هنا إلى قواعد يانج من حيث النغمات التقليلة الممتدة لكن مع أصوات أكثر نعومة. تبدو الموسيقى بسيطة لكنها ثقيلة الوطأة على المشاعر، وخير مثال على ذلك مقطوعة تريلوجي دو لا مور التي خلقتها بالكامل على سينث آرب الخاص بها. إذا استمعنا جيدًا إلى صوت الدرون نجده يفرض علينا مشاعرًا متنازعة تنتهي بشعور بالتطهر.

لا ينتهي الحديث عن تاريخ الدرون وتأثيره على الموسيقى هنا، ويمكن أن نمد خطًا منفردًا لتتبع تأثير كل من الفنانين والفنانات السابق ذكرهم على من خلفوهم وعلى أنواع موسيقية تمحورت بالكامل حول الدرون. يقدم الكتاب عرضًا ممتازًا لهذه الروابط يتجاوز تأثير الروك على الميتال والموسيقى الإلكترونية والموسيقى الكلاسيكية المعاصرة. كتاب سوورد جوهري لكل المهتمين بالموسيقى ومن شأنه أن يغير طريقة استماعهم لها بكل أنواعها.


يمكنكم الاستماع إلى ميكس هاري سوورد لبرنامج محمد أشرف على راديو معازف: