للصُبح | ١٠ أغانٍ تسبّب الهوس

كتابةمعازف - December 10, 2013

بعض الأغاني لا تتركك في سلام، ترغمك على سماعها مرارًا وتكرارًا، وفي كل سماع تزداد اللذة ويتعمّق الهوس. تسمعها وأنت تسير في الشارع، في هذيان ما قبل النوم، أو حتى طلوع الشمس. تتسلل أحيانًا بين الجمل، في لحظات الصمت المريحة مع صديق جيد، وتحفر لحنها في النفس.

تفرض علينا هذه الأغاني تساؤلَين رئيسيَّين: ما الذي يرغمنا على سماع أغانٍ بعينها مرارًا وتكرارًا؟ وكيف يمكن لأغنية كتبت لزمن غير زمننا، أن تفسّر مكوثها في الفراغات الصامتة لضجيج ماكناتنا طيلة هذا الوقت؟

في هذه القائمة نتعرض لأغانٍ عربية كلاسيكيّة تسبّبت بهذا وأكثر لأعضاء فريق معازف.

ضيّعت مستقبل حياتي | سيد درويش

حزينًا، متراجعًا، مهزومًا، يبدأ اللحن على مقام شورى ليمهّد للمستمع النداء المتألم الذي ينطلق بعد لحظات من حنجرة سيّد درويش: ضيعت مستقبل حياتي، في هواك. أحد أكثر الألحان تأثيرًا وأكثر الأداءات إتقانًا في تاريخ الموسيقى العربيّة.

القلب يا ما انتظر |  محمد عبد الوهاب

تتوحّد عبقرية الملحن والمؤدّي في رائعة عبد الوهّاب هذه. بعد أداء مستوي يرينا فيها أن الثورات يمكن أن تحدث في فروقات صغيرة دقيقة، تثور ثائرة ملائكيّة، سرعان ما تخمد. تخفت الآلات وأصوات الكورس الملائكية متيحة لعبد الوهاب المساحة ليتجبّر على مستمعيه بتنويعه على جملة “أتاري بعدك عنّي شغلني.”

أراك عصي الدمع | صالح عبد الحي

كلمات البرنس أبي فراس الحمداني، ألحان شيخ ملحّني عصره عبده الحمولي، غناء وحش المواويل صالح عبد الحي. بعيدًا عن التقسيم العبقري للتخت المصاحب وفرداش القانون في الدقيقة ٨:٠٨، في مقاطع مثل “إذا الليلُ أضواني” في الدقيقة ٣:١٢ حتّى ٥:٢٥، و”تسائلني منْ أنتَ؟ وهي عليمةُ” في الدقيقة ٦:٤٦ حتى ٧:٣٥، نشوةٌ لا يُحدث مثلها إلا عبد الحي.

فراق غزالي | صليحة

“العين تنحب من فراق غزالي، حتى لذيذ النوم ما يحلالي.” في صوت صليحة التونسيّة جمالٌ بدوي يُعرفك متعة تطلب تكرارها كطفل صغير، خاصةً مع صولوهات الناي التي تُدعّم جاذبية الإعادة.

يا ترى نسي ليه | فتحيّة أحمد

لا تقترب هذه الأغنية من جوابٍ على السؤال في اسمها، فالعاشق فيها مهجورٌ بلا تفسيرٍ ولا وعد، ولا مواساة ربما إلا في هذا اللحن.

يا بدع الورد | أسمهان

كنز موسيقي لحنه فريد الأطرش، وغردت به أخته أسمهان. في حلاوة غنائها كلمة “الأحمر” وحدها خمرةٌ في لذتها ما يطلق لسانك معها حين تقول: “الطف يالطيف”. تجرّك معها بعدها كعصفور فوق أغصان ورود بديعة.

مايل عخدك يا دنيا | وديع الصافي

صوت وديع الصافي الدافئ يظهر قوته وشجوه معًا في موال وأغنية مايل عخدك يا دنيا. من بداية خروج صوته تدرك أنك أمام شئ مختلف. فلا أحد يستطيع – مثلًا – أن يغني “لاح السراب وقلت وعد الوفا وانصفي، وينك يا دنيا اعدلي في غايتك وانصفي” بهذا الشكل إلا الصافي.

آه يا حلو | صباح فخري

يشدو صباح فخري بدور داوود حسني الذي غُني عشرات المرات، لكن هذه المرة، في التنفيذ الموسيقي، وقع الكلمات والصوت الملتاع الرخيم، تبزغ منطقة عصيّة علي الإدراك الكامل تدفعك إلى الاستزادة غير ناقصة المتعة، ليسيطر عليك في كل مرة نفاد صبر ويأس “عود يا جميل ياخي عودلي تاني”، حيث تكتسب كلمة “ياخي” حلاوة مفاجئة دومًا.

مالي فتنت | أم كلثوم

أحمد صبري النجريدي هو أوّل من لحّن لأم كلثوم وله قصة حب حزينة معها، ولربما يخاطبنا عن نفسه في هذه الأغنية، إذ ان افتتانه بصوت أم كلثوم جعله يضحّي بعمله كطبيب أسنان ويلحق بأم كلثوم في القاهرة، وبعد أن تقرب لها بألحانه وعرفها شخصيًا وقع في حبها، وعرض عليها الزواج. كانت النتيجة رفضه كعاشق وانتهاء مستقبله كموسيقي. كأنه يقول لنفسه: مالي فتنت، وجلبت لنفسي التهلكة.

يا جارة الوادي | نور الهدى

النسخة الجبّارة من أغنية عبد الوهاب يا جارة الوادي، التي لحّنها وغناها سنة ١٩٢٨. يُظهر الأداء بوضوح كم ظُلِم ذلك الصوت المتمكن والعبقري لـ ألكسندرا نقولا بدران المعروفة بـ نور الهدى. في الفيديو نراها بفستانها الأسود الأنيق وذيل حصان شعرها الذي يضفي لمسة طفوليّة عليها، تطرِب في انسجام وابتسامة تتسع كلما شعرت بمتعة صدحها. يهتز حينًا كيانها كله في نشوة الغناء، وحينًا تحرك رأسها وذراعيها في جذل. قرب النهاية، كنوع من التحليّة، تصل إلى قرار صوتها المتمكن ليدغدغ وجدانك بـ”تعطلت لغة الكلام، وخاطبت عينيّ في لغة الهوى عيناك” فتجعلك تعيد الكرّة مرة أخرى، بعد الأخرى.